*
الاربعاء: 10 ديسمبر 2025
  • 28 نيسان 2025
  • 16:34
 تعديلات قانون الملكية العقارية الأردني لسنة 2025 انتهاك دستوري للملكية الخاصة وإهدار للسيادة العقارية
الكاتب: المحامي الدكتور ربيع العمور

خبرني  - جاءت التعديلات الأخيرة على قانون الملكية العقارية الأردني لسنة 2025 لتحدث تحولات جوهرية تمس حق الملكية المصان دستورياً بموجب المادة (11) من الدستور، ولتُعيد تشكيل قواعد التملك داخل الدولة بما يُخل بمبدأ السيادة العقارية ويضعف الرقابة الدستورية على تصرفات الإدارة العامة.
وقد تركزت هذه التعديلات على محورين خطيرين:

1. مصادرة الحق في اللجوء إلى القضاء بشأن الاستملاك، وتسليمه إلى لجان إدارية ذات طابع شبه قضائي.

2. تسهيل تملك الأجانب والأشخاص المعنويين للعقارات، بإلغاء شرط موافقة مجلس الوزراء، والاكتفاء بقرارات وزارية إدارية.
أولاً: انتهاك مبدأ المشروعية والمس بحق التقاضي بنقل صلاحية تقدير التعويض إلى لجان إدارية

ينص الدستور الأردني في المادة (11) صراحة على أن "لا يُنزع ملك أحد إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يُقرر وفق أحكام القانون"، وهو ما يفترض ضمناً خضوع التقدير لرقابة القضاء باعتباره الضمانة الوحيدة لتحقيق العدالة.

التعديلات نقلت سلطة تقدير التعويضات الناجمة عن الاستملاك إلى لجنة إدارية تتبع دائرة الأراضي والمساحة، مما يشكل خرقاً لمبدأ اللجوء إلى القاضي الطبيعي المنصوص عليه في المادة (101) من الدستور.

كما يشكل ذلك انتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات، إذ جعلت الإدارة العامة خصماً وحكماً في آن واحد، مخالفاً بذلك قاعدة دستورية مستقرة تقضي بأن لا تُناط وظيفة القضاء إلا بالقضاء.

الآثار القانونية المترتبة:

فقدان المالك لحقه في محاكمة عادلة حول تقدير قيمة التعويض.

إخضاع الملكية الخاصة لقرارات إدارية قد يشوبها التعسف أو الخطأ دون رقابة فعالة.

تراجع دولة القانون، إذ لم تعد الإدارة مقيدة برقابة قضائية حقيقية على قراراتها المتعلقة بنزع الملكية.

ثانياً: تسهيل تملك الأجانب والشركات وخرق مبدأ السيادة العقارية
بموجب التعديلات، أصبحت صلاحية الموافقة على تملك الأجانب للعقارات مناطة بوزير الداخلية، وفقاً لتعليمات يصدرها لهذه الغاية، دون الحاجة لموافقة مجلس الوزراء كما كان معمولاً به.

أما بالنسبة للشركات، لا سيما العاملة في التأجير التمويلي، فقد أصبحت الموافقة على تملكها للعقارات تتم عبر وزارة المالية ودائرة الأراضي فقط، ما ألغى الرقابة الحكومية العليا.
من زاوية فقهية ودستورية:

يُعتبر العقار عنصراً جوهرياً من عناصر السيادة الوطنية، وتمكين الأجانب من تملكه دون رقابة صارمة يشكل إخلالاً بمبدأ السيادة.

تسهيل تملك الشركات والأجانب دون المرور بالإرادة الجمعية للدولة (مجلس الوزراء) يُعتبر تفويضاً غير دستوري للسلطة التنفيذية الدنيا (الوزارات) بممارسة أعمال تتعلق بالسيادة العامة.
يتعارض ذلك مع القواعد الدولية المقارنة التي تجعل تملك الأجنبي للعقار في الدولة محل قيود مشددة ترتبط بمفاهيم الأمن القومي والسيطرة الاقتصادية.
ثالثاً: تحليل قانوني للأبعاد المستقبلية للتعديلات

1. إهدار الحماية الدستورية للملكية الخاصة عبر جعل مصيرها بيد لجان إدارية بدلاً من القضاء الطبيعي.

2. تراجع مبدأ علنية الرقابة، إذ أن قرارات اللجان الإدارية والوزارات لا تتمتع بنفس درجة الشفافية والمساءلة التي يحققها القضاء أو السلطة التنفيذية العليا (مجلس الوزراء).

3. فتح المجال أمام تغوّل المصالح الأجنبية على العقار الوطني، بما قد يؤدي إلى تمركز الثروة العقارية بيد كيانات لا تخضع لمنظومة الرقابة الوطنية.

4. المساس بالأمن الاقتصادي والاجتماعي، بما يؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات، وصعوبة تملك الأردنيين للعقار، وتراجع الاستقرار الاجتماعي.
خاتمة وتوصيات تشريعية

إن تعديلات قانون الملكية العقارية لسنة 2025 قد مسّت بمبادئ دستورية جوهرية، أهمها مبدأ سيادة القانون، والفصل بين السلطات، وحماية الملكية الخاصة.
وعليه، فإننا نوصي بما يلي:
إعادة إخضاع كافة منازعات الاستملاك وتقدير التعويضات لرقابة القضاء العادي المختص، ضماناً للحق بالتقاضي والعدالة.
إعادة اشتراط موافقة مجلس الوزراء على كافة طلبات تملك الأجانب والشركات للعقارات، حمايةً للسيادة العقارية ومراعاة للمصلحة الوطنية العليا.
وضع معايير قانونية واضحة ومشددة لتمليك الأجانب، تأخذ بالاعتبار الأمن القومي والاقتصاد الوطني والبعد السكاني.

إن سيادة الدولة تبدأ من سيادتها على أرضها، وأي تفريط بالملكية العقارية هو مساس بجوهر السيادة الوطنية.

مواضيع قد تعجبك